سورة التوبة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}
{مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفروا} عتاب لمن تخلف عن غزوة تبوك {اثاقلتم إِلَى الأرض} عبارة عن تخلفهم، وأصل اثاقلتم تثاقلتم {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ} شرط وجزاء وهو العذاب في الدنيا والآخرة.


{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)}
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله} شرط وجواب، والضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن قيل: ارتبط هذا الشرط مع جوابه، فالجواب: أن المعنى؛ إن لم تنصروه أنتم فسينصره الله الذي نصره حين كان ثاني اثنين، فدل بقوله نصره الله على نصره في المستقبل {إِذْ أَخْرَجَهُ الذين كَفَرُواْ} يعني خروجه من مكة مهاجراً إلى المدينة، وأسند إخراجه إلى الكفار، لأنهم فعلوا معه من الأذى ما اقتضى خروجه {ثَانِيَ اثنين} هو أبو بكر الصديق {إِذْ يَقُولُ لصاحبه لاَ تَحْزَنْ} يعني أبا بكر {إِنَّ الله مَعَنَا} يعني بالنصر واللطف {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل: لأبي بكر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل معه السكينة، ويضعف ذلك بأن الضمائر بعدها للرسول عليه السلام {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} يعني الملائكة يوم بدر وغيرهم {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الذين كَفَرُواْ السفلى} يريد إذلالها ودحضها. {وَكَلِمَةُ الله هِيَ العليا} قيل هي: لا إله إلا الله، وقيل: الدين كله.


{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}
{انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً} أمر بالنفير إلى الغزو، والخفة استعارة لمن يمكنه السفر بسهولة، والثقل من يمكنه بصعوبة، وقال بعض العلماء: الخفيف: الغني، والثقيل: الفقير، وقيل: الخفيف الشاب، والثقيل الشيخ، وقيل: الخفيف النشيط، والثقيل الكسلان، وهذه الأقوال أمثلة في الثقل والخفة، وقيل: إن هذه الآية منسوخة بقوله: {لَّيْسَ عَلَى الضعفآء وَلاَ على المرضى} [التوبة: 91] الآية {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً} الآية: نزلت هي وكثير مما بعدها في هذه السورة في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وذلك أنها كانت إلى أرض بعيدة وكانت في شدّة الحر وطيب الثمار والظلال، فثقلت عليهم فأخبر الله في هذه الآية أن السفر لو كان لعرض من الدنيا، أو إلى مسافة قريبة لفعلوه {بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشقة} أي الطريق والمسافة {وَسَيَحْلِفُونَ بالله} إخبار بغيب وهو أنهم يعتذرون بأعذار كاذبة ويحلفون {يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ} أي يوقعونها في الهلاك بحلفهم الكاذبة، أو تخلفهم عن الغزو.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10